يوم الأرض: لماذا نحتاج إلى حلول تعديل الطقس بقلم علياء المزروعي، مديرة برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار
يشكل احتفال العالم بيوم الأرض مناسبة للتأمل في الدور الأساسي للطقس والمناخ في تشكيل حياتنا وأنظمتنا البيئية، وهو دور يؤثر على كافة جوانب حياتنا من الإنتاج الزراعي، وإدارة الموارد المائية، وتخطيط البنية التحتية، وحتى على صحة الإنسان. ومع اتساع نطاق تحديات التغير المناخي وزيادة حدة الظواهر الجوية المتطرفة، باتت الحاجة إلى ابتكار حلول فعالة للتصدي لتداعيات هذه الظواهر ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى.
وإدراكاً لأهمية تسخير العلوم والتكنولوجيا لمواجهة هذه التحديات، نعمل في برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار على تطوير أبحاث الاستمطار والاستفادة من الأساليب المبتكرة في سبيل تعزيز مستويات الهطول المطري والمساهمة في الحد من تحديات ندرة المياه والجفاف على المناطق القاحلة.
وتعد علوم تعديل الطقس التي تشمل تقنية تلقيح السحب من الحلول المبتكرة التي حظيت باهتمام واسع خلال السنوات الأخيرة، ويتم تلقيح السحب من خلال رش مواد التلقيح كجزيئات الملح الصديقة للبيئة في السحب لتعزيز عملية تكوين الهطول المطري. وعلى الرغم من أن مفهوم تلقيح السحب كان قائماً منذ عقود، إلا أن التقدم في نمذجة الأرصاد الجوية وعلوم الغلاف الجوي وتقنيات تلقيح السحب قد ساهم بشكل كبير في زيادة دقة وفعالية عمليات الاستمطار.
وقد أظهرت الأبحاث المدعومة من البرنامج فعالية تلقيح السحب كخيار استراتيجي قابل للتطبيق لزيادة هطول الأمطار في المناطق القاحلة وشبه القاحلة. كما توصل البرنامج من خلال سلسلة من التجارب الميدانية، والمحاكاة العددية، والدراسات الرصدية إلى استنتاجات مهمة عن العمليات الجوية التي تؤثر على عملية تكوين السحب وتعزيز هطول الأمطار.
وتتميز تقنية تلقيح السحب بأنها تلعب دوراً مكملا لهطول الأمطار الطبيعي دون التسبب في آثار سلبية على البيئة. وفي حين أن مشاريع البنية التحتية التقليدية كمحطات تحلية المياه والسدود تتطلب استثمارات ضخمة، يوفر تلقيح السحب نهجًا مستدامًا بيئيًا وفعالاً من ناحية التكلفة لإدارة الموارد المائية. ومن خلال الاستفادة من الظروف الجوية السائدة وديناميكيات السحب، يمكن لهذه التقنية المبتكرة أن تساهم في الحد من أزمة شح المياه وتعزيز الإنتاجية الزراعية في المناطق التي تعاني من الإجهاد المائي.
ومع استشرافنا للمستقبل، يبرز التعاون الدولي وتبادل المعرفة كركيزة أساسية لتعزيز أبحاث تعديل الطقس وتطبيقاتها العملية. وتوفر مبادرات مثل لجنة علوم الغلاف الجوي وأطلس السحب الدولي التابعتين للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية منصات حيوية لتبادل الخبرات وتعزيز التعاون بين الباحثين وصناع السياسات وأصحاب المصلحة في هذا الحقل العلمي.
ويؤكد نجاح برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار أنه من خلال اعتماد حلول مبتكرة كتقنية تعديل الطقس، يمكننا تعزيز قدرتنا على الصمود في مواجهة مخاطر المناخ وضمان الأمن المائي للجميع.